هل أنت ناجح حقا؟

متى يعتبر النجاح حقيقياً؟ وهل كل ما اتفق عليه الناس في شخص أنه ناجح يكون صحيحاً؟! وهل النجاح هو أن يذكرك الناس بصفة (ناجح)؟! وهل النجاح هو شهرة وأضواء ودعاية فقط؟! وعلى الرغم من أن مديح الناس مؤشر هام على النجاح، ولكن هل يمكن أن نعتبره مقياساً حقيقياً!

تقول الممثلة "هيلين هايز" أن أمها وضعت تعريفاً يوضح الفرق بين الإنجاز والنجاح. نصحتها أمها قائلة: الإنجاز هو المعرفة التي درستها والعمل الشاق الذي قمت به على أفضل ما تستطيعين، أما النجاح فهو أن يمتدحك الآخرين، وهو أمر جميل ولكنه ليس بنفس الأهمية أو بنفس الإرضاء.

هذا المفهوم غير خاف على العموم، ولكن أكثر الناس يعتبرون النجاح رديف مدح الناس لهم، غير أن المتأمل يرى أن الناس كثيراً ما تستعمل كلمات المديح مدفوعة بعوامل أخرى غير الصدق وحال الممدوح.

يقول ابن عطاء الله السكندري في حكمه المشهورة: ما مدحك من مدحك.. ولكن مدح من منحك.

إذا فإن تعريف النجاح غير مرتبط تماماً بشهادة الناس، فقد يمتدح الناس صاحب جاه ومركز مرموق طمعاً في التقرب منه، وقد تمتدح الجماهير مشاهير الفن والطرب حباً في ما يقدمونه لهم من فن، هابطاً كان أم راقياً، فلكل بضاعة أسواقها.

إن ما يقدمه الإنسان للبشرية من ارتقاء في الفكر، أو تغيير في المفاهيم نحو الأفضل، أو إنجاز ييسر على الناس حياتهم ويساعدهم في تلبية احتياجاتهم، كل تلك إنجازات غاية في الروعة، وهي النجاح الذي يبحث عنه العظماء، ورغم أن بعض هؤلاء لم يكونوا مشاهير، ولم تكتب عنهم المجلات والصحف وتعكس صورهم شاشات التلفزة، إلا أن أثرهم على المجتمعات كان عميقاً جداً، بل إن بعضهم ليعتبر من صناع التاريخ والحضارة.

اليوم لا ينبغي علينا أن نفكر في مستويات الشهرة لنقيس بها مستوى النجاح، بل علينا أن نعطي همنا لما تحقق من الإنجازات في حياتنا، ومدى فائدته لنا ولمجتمعاتنا وأمتنا، ومدى الرضاء الداخلي النفسي الذي نشعر به عقب تحقيق كل إنجاز، فهذا هو مقياس النجاح الحقيقي الذي يبحث عنه الطموحون